2022 .. عام الحوار المكثف والبناء بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي
من نواب خان
بروكسل - 31 - 12 (كونا) -- سيدخل 2022 التاريخ باعتباره عام الحوار المكثف والتطورات الإيجابية البناءة في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضوا ومجلس التعاون لدول الخليج العربية المكون من 6 أعضاء.
وشهد 2022 عددا قياسيا من زيارات كبار قادة الاتحاد الأوروبي إلى منطقة الخليج بالإضافة إلى عقد العديد من الاجتماعات والمؤتمرات بين الجانبين.
ولأول مرة على الإطلاق تبنى الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي ورقة عمل حول "الشراكة الاستراتيجية مع الخليج" التي تهدف إلى توسيع وتعميق التعاون بين الكتلتين الإقليميتين.
وعلق الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي قدم ورقة الشراكة الاستراتيجية قائلا "إن أعضاء الاتحاد الأوروبي ودول الخليج سيستفيدون من وجود شراكة أقوى وأكثر استراتيجية تشمل عددا من المجالات الرئيسية وذلك في ظل غياب الأمن والتحديات الكبرى التي تهدد النظام الدولي القائم على القواعد والتي تفاقمت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا".
وتحدد الوثيقة ستة مجالات لتعزيز التعاون في قطاعات الطاقة والأمن العالمي والتحول الأخضر والمساعدات الإنسانية والتواصل بين الشعوب والعلاقات المؤسسية.
كما تتضمن تعهدات الاتحاد الأوروبي بلعب دور سياسي وأمني أكبر في منطقة الخليج وتعيين ممثل خاص في المنطقة وعقد حوار سياسي سنوي بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون واجراء مشاورات حول القضايا متعددة الأطراف واجتماعات وزارية.
وشهدت بداية العام زيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف إلى بروكسل في يناير الماضي عندما التقى جوزيب بوريل ومسؤولين آخرين في الاتحاد الأوروبي وتبادلوا وجهات النظر حول الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك واكتشاف طرق لتكثيف التعاون بين الكتلتين.
وفي الشهر نفسه التقى وزير الخارجية الكويتي السابق الشيخ الدكتور احمد ناصر المحمد الصباح وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل في لقاء هو الأول من نوعه وبحثوا خلاله الأهمية المتنامية لدور الكويت البناء والايجابي في المنطقة من وجهة نظر دول الكتلة الأوروبية ال27.
وأشاد بوريل بدور الوساطة الذي تلعبه دولة الكويت في المنطقة ووصفها بأنها "شريك موثوق للاتحاد".
وفي فبراير الماضي عقد الاجتماع الثالث على مستوى كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون أعقبه الاجتماع الوزاري ال26 بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي والذي أكد أهمية مواصلة تعزيز العلاقات بين الجانبين في ضوء التحديات الإقليمية من أجل أن يكون أساسا قويا وفعالا للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
وفي أبريل اقترحت المفوضية الأوروبية اعفاء مواطني الكويت وقطر من تأشيرة (شنغن).
وفي مايو قال سفير الكويت السابق لدى الاتحاد الأوروبي جاسم البديوي في ندوة إن التجارة والاستثمار ينموان بشكل مطرد بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون منذ اتفاقية التعاون بين الجانبين عام 1988.
وأضاف في حدث نظمته غرفة التجارة العربية البلجيكية اللوكسمبورغية أنه "رغم التحديات المزدوجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وجائحة فيروس (كورونا) فإن التعافي يمضي قدما الآن ومن المقرر أن يرتفع إلى مستويات أعلى".
وفي سبتمبر قام رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بأول جولة في منطقة الخليج زار خلالها قطر والسعودية حيث شارك في الدوحة بافتتاح بعثة الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت لاحق من الشهر نفسه زار السعودية ليوم واحد حيث التقى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في مدينة جدة.
وقال ميشال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الاجتماع "ان المملكة تتحول بعمق" مشددا على ضرورة "العمل معا" اذ لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزما بمواصلة التعاون لا سيما في مجالات أمن الطاقة والطاقة المتجددة والتجارة وحقوق الإنسان والاستقرار العالمي".
كما شهد 2022 تغييرا للمسؤولين في سفارة دولة الكويت في بروكسل.
فبعد ست سنوات في منصبه في بروكسل تم تعيين جاسم البديوي سفيرا لدولة الكويت في واشنطن في يونيو لينتقل السفير نواف العنزي إلى بروكسل لرئاسة البعثة الدبلوماسية الكويتية لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ولوكسمبورغ.
وفي أكتوبر قدم السفير العنزي أوراق اعتماده إلى العاهل البلجيكي الملك فيليب وفي ديسمبر إلى شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي.
وفي نوفمبر زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين البحرين لإلقاء كلمة في (حوار المنامة) بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وأكدت في كلمتها "احتياج العالم إلى هيكل أمني أقوى ضد انتشار الفوضى" قائلة "إننا نعلم هذا في أوروبا وهو مهم أيضا هنا في الخليج.. أوروبا على استعداد للقيام بدورها ونريد تعزيز مشاركتنا مع المنطقة اقتصاديا وامنيا".
وفي نوفمبر أيضا زار الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي الإمارات لعقد اجتماعات ثنائية وحضور (منتدى صير بني ياس). وقال بوريل في تصريحات صحفية إن "الزيارة كانت فرصة لزيادة تنشيط العلاقة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والإمارات وفرصة لتبادل الرؤى بشأن القضايا الإقليمية والعالمية مع صانعي السياسات".
وفي ال23 من نوفمبر عقد الحوار الاقتصادي ال12 بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في بروكسل وفي ال24 من نوفمبر عقد المنتدى الاقتصادي السادس بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة البلجيكية.
ورحب نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في كلمته بالمنتدى الذي جاء في الوقت المناسب نظرا للتطورات العالمية الصعبة للغاية التي واجهناها وما زلنا نواجهها في عام 2022".
واكد التزام الاتحاد الأوروبي الكامل بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الكتلتين الإقليميتين من خلال تطوير مجالات الاهتمام المشترك والعمل بطريقة أكثر تعاونا لتحقيق فوائد حقيقية ".
ورغم تلك التطورات الايجابية إلا أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي واجهت بعض العثرات في عام 2022.
إذ أعلنت لجنة الحريات المدنية والعدالة والشؤون الداخلية بالبرلمان الأوروبي في ال17 من نوفمبر تأجيل التصويت على إعفاء مواطني الكويت وقطر من تأشيرة (شنغن).
وفي الأول من ديسمبر صوتت لجنة البرلمان الأوروبي للحقوق المدنية والداخلية التي تشرف على مسألة التأشيرة لصالح اعفاء موطني الكويت وقطر من تأشيرة (شنغن) لكنها جعلت تعليق عقوبة الإعدام في الكويت شرطا للإعفاء.
وأكد رئيس اللجنة خوان فرناندو لوبيز أغيلار أن إعفاء مواطني دولة الكويت من تأشيرة (شنغن) "خطوة جيدة ستساهم في التعاون والتفاهم المتبادل".
وقال لوبيز أغيلار في مقابلة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بعد موافقة اللجنة على إعفاء مواطني الكويت من تأشيرة (شنغن) رغم وضعها شروطا لذلك ان "الاعفاء سيسمح بتبادل التعاون والتفاهم في العديد من المجالات ليس في المجال السياحي فحسب ولكن في المجالات التجارية والتبادل الاكاديمي والعلمي".
وعقد الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية حوارهما الثاني بشأن حقوق الإنسان في الرياض في 6 نوفمبر والذي وصفه الاتحاد الأوروبي في بيان أنه جرى في جو بناء وصادق.
والتقى وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير بمسؤولي الاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبي خلال زيارته لبروكسل في نهاية نوفمبر الماضي.
وفي 12 ديسمبر صوت البرلمان الأوروبي لصالح اقتراح بإعادة ملف اعفاء مواطني الكويت وقطر من تأشيرة (شنغن) إلى لجنة الحريات المدنية.
ومن المرجح ان تبحث اللجنة ملف اعفاء مواطني الكويت وقطر من تأشيرة (شنغن) في يناير 2023.
ومن ناحية أخرى يرى بعض المحللين أن الحرب في أوكرانيا ربما تقف وراء اندفاع الاتحاد الأوروبي لتعزيز العلاقات مع منطقة الخليج لتأمين احتياجاته من الطاقة وتقليل اعتماده على الطاقة الروسية.
وربما يكون هذا صحيحا بعض الشيء ولكن ليس تماما إذ أكد بوريل خلال جولته في المنطقة والتي قادته الى زيارة قطر والإمارات والسعودية في سبتمبر 2021 وهي قبل وقت طويل من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا (فبراير الماضي) رغبة الاتحاد الأوروبي في تعميق العلاقات مع منطقة الخليج. (النهاية) ن خ / أ م س