9 سنوات على انطلاق شرارة ثورة تونس.. سيدي بوزيد مكانك راوح
تحيي ولاية سيدي بوزيد بالوسط الغربي لتونس، الثلاثاء، الذكرى التاسعة لانطلاق الشرارة الأولى لثورة 14 يناير2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، دون أن تطيح بمنظومة التهميش والفقر التي تسودها.
9 سنوات مرت على إقدام محمد البوعزيزي ابن الجهة على حرق نفسه يوم 17 ديسمبر 2010، احتجاجاً على افتكاك الأمن البلدي لعربة الخضار التي كان يرتزق منها، ومازالت سيدي بوزيد ككل عام موطن احتفاء بمزاياها على ما سمي بـ "الربيع التونسي" ثم "الربيع العربي"، مراوحة مكانها من التنمية، شاهدة على تعميق التفاوت الاجتماعي بين الجهات وتزايد ارتفاع نسب البطالة.
ومن المفارقات أن سيدي بوزيد التي تصدرت الثورة، تذيلت نتائجها، إذ تحتل المرتبة 21 على المستوى الوطني بحسب مؤشر التنمية الجهوية الخاص بالولايات، ولم يغير 1352 مشروعا تم إنجازه منذ سنة 2011 بمختلف معتمدياتها من وضعها التنموي والاقتصادي.
وفي هذا الصدد قال الخببر الاقتصادي، عزالدين سعيدان، للعربية.نت "إنه لا معنى لشعار الكرامة الذي رفعته الثورة التونسية دون توفير الشغل، لأن الكرامة تقترن بالعمل لا بالمساعدات"، مؤكدا أن سيدي بوزيد "دفعت ضريبة الإهمال الاقتصادي الذي يزداد سوءا في السنوات الاخيرة خاصة داخل الجهات".
ولاحظ سعيدان أن تونس "حققت خطوات هامة في الانتقال الديمقراطي لكنها أغفلت للأسف الجانب الاقتصادي"، مبينا "أن نسب النمو كانت قبل 14 يناير في حدود 5% وتقهقرت اليوم لتصل إلى حدود 1%".
ولفت سعيدان إلى أن الاقتصاد التونسي عانى قبل الثورة من موطني ضعف يتمثل الأول في اختلال الفوارق في التنمية بين الشريط الساحلي والمناطق الداخلية بما فيها سيدي بوزيد ويتمثل الثاني في عدم السيطرة على البطالة، وخاصة بطالة أصحاب الشهادات العليا"، مشيرا إلى أن "المعدل الوطني للبطالة في صفوف الشباب حاملي الشهادات العليا يصل إلى 35% في حين يرتفع المعدل الجهوي ليبلغ 50%".
ولا تبتعد آراء الخبراء كثيرا عن آراء الموطنين، فقد أكد شهاب رجب (23 عاما) القاطن بالمزونة إحدى معتمديات ولاية سيدي بوزيد للعربية نت قائلا: "منذ وفاة البوعزيزي وأنا أحلم بأن تكون جهتي أفضل، لكن للأسف لم يتغير شيء"، مسترسلا "مازالت سيدي بوزيد تعيش التهميش وتعاني من البطالة".
واستدرك شهاب قائلا "أنا لا أنتظر شيئا من السياسيين الذين لم يقدموا لنا طول الـ 9 سنوات الماضية سوى الوعود الزائفة"، داعيا شباب الجهة إلى عدم اليأس والتعويل على أنفسهم، واثقا بأنه "مادام هناك شباب واع، فإن الحلم مازال قائما في تونس أخرى".
من جهته قال أستاذ علم الاجتماع محمد الجويلي "للعربية.نت": "هناك اعتقاد بأن الطموحات والشعارات التي رفعت إبان الثورة لم تصل إلى تحقيق أهدافها"، ملاحظا أن "فئة كبيرة من التونسيين لم تعد تثق في المسار الديمقراطي وتلتجئ دائما إلى المقارنة عما كانت عليه البلاد قبل 2011".
وبيّن الجويلي أن أغلب التونسيين "يلقون باللوم على الطبقة السياسية التي لم تتمكن من إنجاز ما تعهدت به"، مشيراً إلى "ضرورة أن يأخذ جيل جديد من النخبة السياسية فرصته كاملة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية أيضا".
وأبرز الجويلي أنه بالرغم من الأزمة الاقتصادية المستفحلة وظهور علامات ضعف الدولة وتفشي ظواهر اجتماعية سلبية عديدة منها استهلاك المخدرات والبطالة والإرهاب، لا يجب أن نغفل عن وجود انتخابات ديمقراطية والحق في الاحتجاج على الدولة إضافة إلى توسع نطاق حرية التعبير.
مكاسب الثورة السياسية والإعلامية لا يعتبرها عبد الله الطاهري (32 سنة) من معتمدية المكناسي بالولاية نفسها من الأهمية بمكان، قائلا للعربية.نت: "إن الديمقراطية لن تقي الناس من الجوع وإن حرية الإعلام لن توفر لأبناء الجهة العمل"، منتهيا إلى أنه رغم ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في سيدي بوزيد إلا أن الأمل يبقى قائما في غد أفضل".
هكذا إذن تعيش سيدي بوزيد على مدار العام، بين واقع يدعوها للافتخار بإطلاقها شرارة الثورة وبين تطلعات طالت عساها لن تطول أكثر.